هل الأشواق تُسقى؟





هل الأشواق تُسقى؟
كتبته: سارّة النوري.


تتنازع المحبون في الشوق، وزواله عند اللقاء..

فقال البعض أن الشوق للغائب؛ فإذا وصل إليه صار مكان الشوق: قُرّة عينه به..

وقالت طائفة: بل يزيد الشوق بالوصول، ولا يزول؛ ألا ترى المحب يبكي عند لقاء محبوبه؟ فذلك البكاء كان من شدة شوقه به، ووجده..

وأشواق اللقاء تختلف عن أشواق الغياب..

على كل حال..

فإني أدندن حول هذا المعنى، مع رحيل الحاج في هذه الأيام.. وبقاء المتألم المشتاق..

وليت الشوق يسكن بالتلاقي
وينتاب الهوى بعض الفتور
تجدد عشقها يا ويح قلبي
إذا ما هام في سحر الحضور
كأول مرة فيها التقينا
شعوري نحوها نفس الشعور

وقد تخالجني الشوق، وذهب عقلي ليهفو في إثره، فوجده في جانب آخر من ضفة الحب الدينية..!

يتأمل في تلك الحُجب الكثيرة التي قد تهبط على القلب، فتمنع الشوق أحياناً عن كماله وتمامه..

فيقلق البدن: أن ينتابه شيء من الفتور حينما يطول البعد، ولا يتجدد اللقاء..

والعارفون في لغة الحب يفقهون هذا المعنى ويعرفونه..

فهل يُعقل أن نصحو يوماً، وقد خانتنا قلوبنا، بعد أن استوقد الوجد أضلاعنا؟

أن نجد أشواقنا قد هَرِمت..
بعد أن كان لا يقاومها الاصطبار؟

أن يَغيب طور المشاعر..
بعد أن أدركنا جرم الشيء وقيمته، فأبصرناه بروح المُعاين..

فينظر الفتور لذهاب الشوق في سُكون..
والشوق مُرنّقة عيناه خجلاً من سَبَرات شتائه التي علت على حرارة شمسه..

بعد أن طال البعد؛ فانفصمت عُرى آماله..!

هل الأشواق تُسقى دون تجدد اللقاء؟

إن الفتور في الشوق: ماء وبيء، فهو لا يوافق الأبدان الصحيحة المتوهجة؛ لفساد في هوائه..
فإن أرادت الأبدان أن تستطيب من وجعها..
وتستشفي من دائها..

فلتبحث عن الشوق الذي يتجدد..

حتى وإن حُرمت اللقاء، وطال بها البعد..

لأن الأشواق تُسقى..




تعليقات

  1. الردود
    1. دوام الشوق مع دوام المحبه... والمحبة الصادقة تبقى وسقيها من اصلها فهي منها وإليها... والانسان اشتق لقبه من النسيان وهي رحمه من الله في
      بعض الاحيان ..ولولا النسيان لمات المحبون شوقا ...ولكنه نسيان يورث الصبر ..فمتى ما هبة نسائم المواسم ولبى الملبون..صاح داعي الهوى ... ( فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم ) ... ناح المخلفون ... فبشرهم داعي الرحمه ( ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم .. حبسهم العذر )
      والحمد لله على كل حال

      حذف

إرسال تعليق