هل المسألة الفقهية أنثى؟
هل المسألة الفقهية أنثى؟
كتبته: سارّة النوري
لا يزال الفقه بمسائله بين فينة وأخرى، يُسفر لطالبيه عن ملامحه، وطرازه الذي لا يقبل أي أدبيات، ولا أي ذوقيات..
وإن الكثير من الباحثات قطعاً قد فَقهْن ذلك بعد مُعالجة..
ولكن العجيب في الأمر أن أدبيات التعامل مع المسألة الفقهية وفروعها يشبه تماماً علاقة الرجل بالأنثى!
إلا أن المسألة الفقهية لا تمثل الرجل، إنما تأخذ دور الأنثى في علاقتها مع الباحثين..
صدقاً..
إن المسألة الفقهية تميل مع الباحثين، لمثل ما تميل إليه الأنثى مع شريكها الرجل..
فهي تقول للباحثين إجمالاً كما تقول الأنثى للرجل:
لا تحدثني عن الحب فقط، دعني أجربه.
فلو سرّحن الباحثات الطرف في طبيعتهن الأنثوية، واحتياجاتها مع الشريك..
وتأملن الأدبيات التي يطلبنها لذواتهن..
لَفَقِهْن ما تريده شقيقتهن المسألة الفقهية..
لأنها تحب وتأنس بما تحبه الأنثى وتأنس به..
ولعلي أحصر تلك الأدبيات في أربع قواعد أنثوية مختصرة للتعامل مع المسائل الفقهية..
لا يختلفن النساء عموماً في حاجتهن لتلك القواعد الأنثوية، وكذلك شقيقاتهن المسائل الفقهية..
الأدب الأول: المشاعر الصادقة:
إن الأنثى الحقيقية تفقه حديث الروح..
ونحن نُحسن فهم المشاعر الصادقة..
ونحب في حديثنا التقاء الروح بالأرواح؛ فإن في التقاء الأرواح يتجلى الصدق أو ضده..
حديث الروح للأرواح يسري
وتدركه القلوب بلا عناء
وهكذا المسألة الفقهية..
فإنها لن تلتفت للباحثة حتى تتأكد من أنها:
جاءت إليها بروحها، وبمشاعرها الصادقة..
وأفرخت لها بيضة قلبها، وألقت لها بالها، وخالصتها الود..
حينها ستلمع في صفحاتها صباحات البِشْر..
الأدب الثاني: التأني وعدم الاستعجال:
إننا معاشر الإناث نحب أن يتفقد الرجال أحوالنا العامة أولاً، ويتعقبون خطواتنا من الخارج، ولا يستعجلون الثمرة..
ولا يتطفلون حتى لا نرديهم بماتاهاتنا، ونحرقهم بانسحاباتنا..
ولا يهمنا أبداً إن طال وقوفهم ببابنا..
فكلما طال الوقوف والإلحاح؛ بانت الجودة..
وهكذا المسألة الفقهية..
فلتحذر الباحثة من اقتحامها للمسألة بشكل مباشر..
أو أن تتعجل نتائجها، وتستبق تحصيل مخارجها..
وينبغي لها أن تتعرف أولاً على مداخل المسألة، وسماتها العامة، وتترصد سوانح الفرص..
ولا تستعجل الغوص في التفاصيل، فإن في التأني السلامة..
وإلا ضاعت في فروع المسألة، وأحرقتها دقة المباحث ومتاهاتها..
ولعل الوقوف على المسألة يطول..
فإن كان كذلك: فعليها أن تتفقد المسائل الفقهية المجاورة لها؛ لعلها تكون مفتاحا لها..
ولا تستسلم، فالإلحاح مطلوب..
الأدب الثالث: الاهتمام والتركيز:
إذا أذنت الأنثى للرجل بالدخول؛ فإنها لن تكتفي بالقليل..
فعلى شريكها أن يكون ثابت العقد، جميل الرعاية..
فيسهر لها قلبه، ويوقظ لها رأيه..
ويُحصي أنفاسها، وسكناتها؛ ليفهمها، لا ليقيدها ويخنقها..
وعليه أن يُشعرها بجمالها، ورونقها، وسحرها ولا يصمت..
فإن أكثر ما تخشاه الأنثى من الرجل صمته..
وإن في الصمت إهمالا: يقتلها، ويُذهب بريقها، وينزع الأشواق والحب ببطء منها حتى تتلاشى..
وهكذا المسألة الفقهية..
فلا تظن الباحثة أن دخولها للمسألة قد أوصلها للغاية..
فإن فهمها لمداخل المسائل لا يكفي، ولا يشفي..
فلابد أن ترعى حرمة المسألة، فتُسهر للمسألة قلبها، وتحصي كلماتها وأنفاسها إحصاء غير مغال، فإن الغلو في الإحصاء قد ينحو بالمسألة منحاً آخر فتصبح شجرة شائكة..
ولابد أن تعطي المسألة قدرها..
ولا تهمل الباحثة المسألة وتصمت عنها، فتصحبها يوماً وتهملها أياماً، فإن بريق المسألة حتماً سيتضاءل ببطء لن تشعر به إلا وقد ذهب فجأة..
الأدب الرابع: التقوى:
إن الأنثى الصالحة تعشق في الرجل دينه، واستقامته..
ففي قربه من القرآن والذكر، يَحسُن القرب منها..
ويَعذب المورد والمنحى..
فإن رقّ دينه؛ رق حبها..
وإن متن دينه؛ زاد تعلقها..
فإن تَرْكَه لها من أجل اللحاق بطاعة، أسعد لقلبها من أن يستهين بأوامر الله، ولو لأجلها..
وهكذا المسألة الفقهية..
فعلى الباحثة أن تراعي في بحثها هذا الأمر فلا يشغلها البحث عن الذكر أو القرآن، بل يكون القرآن سبيلها للفوز بالمسألة..
فإن الزاد الحقيقي والإبداع البحثي في هذه الأسرار: الذكر والاستغفار والقرآن والصلاة ونحوها..
فإنها المنبع الذي تستصبح به بصائر النفس..
وتُروض الصعاب، وتُمزق ظلمات الإشكال..
أتعلمن يا باحثات:
إننا نقرأ رسائل وبرقيات من نحب بسرعة البرق، لأن الشغف والاهتمام أجبرنا على ذلك.
ولأننا لا نحب أن تطرف العين قبل معرفة المكتوب..
فتأملن لو كان ذلك للمسألة الفقهية!
أيتها الباحثة:
إن المسألة الفقهية أنثى رقيقة مرجوة الجميل..
تميز الإحسان، ولو تكلفت غير الجميل لما استطاعت..
ولكنها لا تظهر نتائجها إلا لممدوحة الصنيع..
لو أنك أعطيت المسألة ما تحبينه أنت كأنثى؛ لاختلف الأمر، ولتغيرت الوجهة، ونشط القلب، واشتاقت النفس، لأن المسألة الفقهية مثلك تماماً:
أنثى
تعليقات
إرسال تعليق