شرف الانسحاب
كتبته: سارة النوري روي أن أبا علي الفارسي مَرَّ بالجامع، فرأى أبا الفتح بن جني في حلقة يقرئ النحو وهو شاب، فسأله أبو علي عن مسألة في التصريف، فقصّر فيها، فقال له أبو علي: (تزبّبت وأنت حِصْرِم)! أي جعلت من نفسك زبيباً مع كونك كالعنب الأخضر قبل استوائه.. أدرك الحياء ابن جني بعد سماع كلمة الشيخ، فترك حلقته، وهَمَّ ليستكمل آلته، ولازم أبا علي الفارسي حتى تمهّر.. ومن تأمل حالنا اليوم لوجد أن الساحة العلمية قد امتلأت بمن سلك مسلك ابن جني رحمه الله قبل تنبيه شيخه.. وربما وردت على مسامع هؤلاء نصائح كنصائح الفارسي، إلا أننا لا ندري أفي سمعهم وَقَر، أم حال بينهم وبين الناصح البصر.. وقد داهم بصنيعهم صدر هذه الساحة حزاز من الغم، فباتت تعالج برحاء الهموم من صنيع بعض طالبات العلم وطلبته، حتى ظننت أننا في سنوات خدّاعات.. وإني والله لأعجب أن نجد بين حاضنات العلم وطالبات التحصيل، من انخدعت بالعلم الذي تعلمته.. وهل تنخدع طالبة العلم بعلمها؟ نعم.. تنخدع بعلمها.. وتنخدع بسنواتها وأسفارها التي انقطعت...